من كنوز التاريخ السوري
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
من كنوز التاريخ السوري
أثبتت الدراسات التاريخية والحضارية واللغوية التي سلطت الأضواء على جوانب من تاريخ
سورية القديم، وتاريخ اللغة والحضارة أن اللغة الآرامية كانت لغة التواصل الرئيسة في العالم
القديم منذ القرن السابع قبل الميلاد، حتى القرن السابع الميلادي، حين أخذت تسلّم الزمام
للعربية.
لقد شهدت هذه المدة الزمنية، التي امتدت أكثر من ألف عام، مولد عدد من المجموعات
الأدبية الكبرى باللغة الآرامية، ولا يزال العديد من الجماعات الآرامية على قيد الحياة، وكان
أقدم نص آرامي معروف، قصة «أحيقار» الحكيم الآرامي، التي لا تزال شذرات منها
محفوظة على ورق البردي ويعود تاريخها إلى القرن الخامس قبل الميلاد، أما العمل نفسه،
الذي يتكون من إطار روائي ومجموعتين من الأمثال، فهو، بلا ريب، أقدم من القرن الخامس
الميلادي بكثير.. لقد كان لهذا العمل، شعبية كبيرة على مرّ القرون، وتمت ترجمته إلى
مختلف اللغات.
لقد ترك الآراميون أثراً مهماً وكبيراً جداً في تاريخ الحضارات البشرية، بلغتهم وفكرهم
وفنونهم أكثر مما تركوا بسياستهم، وقد تمكنوا من تشكيل دويلات وممالك ومدن، من أشهرها
تأثيراً مملكة دمشق التي لعبت دوراً كبيراً على مسرح الأحداث التاريخية في الألف الأول فبل
الميلاد، ومملكة الرُّها وحماة وحمص وشمأل وأربيل وغيرها.. لكن الآراميين لم يتمكنوا من
تكوين دولة آرامية موحدة وقوية، بسبب الظروف السياسية في المنطقة، وبسبب تشتتهم في
دويلات ضعيفة، فعرفوا هجرات فردية وجماعية بحثاً عن عيش أفضل، وعن أرض خصبة
وماء ومراع ورزق وتجارة وعاشوا حول الأنهار الكبرى، ممر الحضارات: دجلة - الفرات -
الخابور - البليخ - العاصي - الليطاني - الزاب الأكبر والزاب الأصغر.
موضوع المصطلح والتسمية طرح في دراسات عديدة، وقد تكون الآرامية، متأتية من كلمة
«راما - آرامو» السومرية التي تعني المكان المرتفع، أما مصطلح «السريان»
و«السريانية» فقد استخدم منذ القرنين الثاني والثالث الميلادي على الآراميين وعلى
الآرامية، أي على اللغة والثقافة اللتين سادتا المنطقة وتجلّتا في أدب رفيع، خصوصاً في مدينة
الرُها حيث تطورت اللغة بصورة مستقلة وفرضت نفسها كلغة مكتوبة مزدهرة بفنونها وجعلت
لغة الناس والكنيسة، بها وعظ وكتب «الإكليروس» وقد أثرّت في المدن والقرى المنتشرة
في بلاد الشام وبلاد ما بين النهرين، وصارت لغة رسمية لهم، ولها يعود الإرث الأكبر من
أدب هذه اللغة، وبقي الاسم الآرامي مرتبطاً بما قبل المسيحية.. وبالتالي يحسب السريان
أنفسهم ورثة الآراميين مباشرة، والتسمية الحالية «السريان» قد تكون من سوريا، موطنهم
الأصلي، أو من أسورية (أشور موطن الآراميين) أومن أسورينا، الاسم القديم للرُها..
لقد كان السريان عنصر إبداع حقيقي في تاريخ سورية القديم، وكان لهم إسهام واسع في
الرصيد الحضاري مع أبناء عمومتهم العرب، فهم يشكلون حالة متميزة من تاريخ التفاعل
الثقافي في العالم، حيث تعترف جميع المصادر التاريخية القديمة والحديثة بدورهم في عملية
الترجمة والنهضة الكبرى التي قادها الخلفاء العباسيون، فقد قاموا بنقل ما لا يحصى من الكتب
من اليونانية إلى السريانية ثم إلى العربية، وأضافوا إلى ما نقلوه خبرتهم ومعارفهم وطوروه،
ورفدوا العرب والمسلمين، ومن خلالهم العالم بكل نافع ومفيد من العلوم والآداب والفن، وقد
كان هذا العطاء في إطار العطاء العظيم الذي قدمته حضارة سورية للعالم أجمع.
رد: من كنوز التاريخ السوري
محمد عبد الرمثان
كل الشكر على الموضوع الطيب
كل الشكر على الموضوع الطيب
قاسم العوادي- عضو مجلس الإدارة
- عدد المساهمات : 156
تاريخ التسجيل : 30/05/2011
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى